بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله واصحابه الاخيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بابُ استحباب الدعاءِ لمن أَحْسَنَ إليه، وصفة دُعائِه
هذا الباب فيه أشياء كثيرة تقدمت في مواضعها. ومن أحسنها:
1/1044 ما روينا في الترمذي، عن أُسامة بن زيد رضي اللّه تعالى عنهما، قال:قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَن صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقالَ لِفاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً، فَقَدْ أبْلَغَ في الثَّناءِ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقد قدّمنا قريباً في كتاب حفظ اللسان في الحديث الصحيح قوله صلى اللّه عليه وسلم: "وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكافِئُوهُ، فإنْ لَمْ تَجدُوا ما تُكافِئُونَهُ فادْعُوا لَهُ حتَّى تَرَوْا أنَّكُمْ قَدْ كافأْتُمُوهُ".
باب استحباب طلب الدعاءِ من أهل الفضلِ وإن كان الطالبُ أفضل من المطلوبِ منه، والدعاء في المواضعِ الشريفة
اعلم أن الأحاديث في هذا الباب أكثرُ من أن تُحصر، وهو مجمعٌ عليه، ومن أدلّ ما يستدلّ به:
1/1045 ما روينا في كتابي أبي داود والترمذي، عن عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه قال: استأذنتُ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم في العمرة، فأذنَ وقال: "لا تَنْسَنا يا أُخَيَّ مِنْ دُعائِكَ" فقال كلمة ما يسرُّني أن لي بها الدنيا. وفي رواية قال: "أشْرِكَنا يا أُخَيُّ في دُعائِكَ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقد ذكرناه في أذكار المسافر
بابُ نهي المكلّفِ عن دعائه على نفسه وولده وخادمه وماله ونحوها
1/1046 روينا في سنن أبي داود، بإسناد صحيح، عن جابر رضي اللّه تعالى عنه قال:قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُمْ، وَلا تَدْعُوا على أوْلادِكُمْ، وَلا تَدْعُوا على خَدَمِكمْ، ولا تَدْعُوا على أمْوَالِكُمْ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللَّهِ ساعَةً نِيْلَ فيها عَطاءٌ فَيُسْتَجابَ مِنْكُمْ".
قلتُ: نيل بكسر النون وإسكان الياء، ومعناه: ساعة إجابة يَنالُ الطالبُ فيها ويُعطى مطلوبَه.
وروى مسلم هذا الحديث في آخر صحيحه وقال فيه: "لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُمْ وَلا تَدْعُوا على أوْلادِكُمْ، وَلا تَدْعُوا على أمْوَالِكُمْ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللَّهِ تَعَالى ساعَةً يُسألُ فيها عَطاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ".
بابُ الدليل على أنَّ دعاء المسلم يُجاب بمطلوبه أو غيره وأنه لا يستعجلُ الإِجابة
قال اللّه تعالى: ”وَإِذَا سألَكَ عِبادِي عَنِّي فإني قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعانِ” [البقرة:186] وقال تعالى: ”ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ” [غافر:60].
1/1047 وروينا في كتاب الترمذي، عن عُبادة بن الصامت رضي اللّه تعالى عنه:أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما على وَجْهِ الأرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ تَعالى بِدَعْوَةٍ إلاَّ آتاهُ اللَّهُ إيَّاها، أوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ أوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ" فقال رجل من القوم: إذا نكثر، قال: "اللّه أكْثَرُ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم أبو عبد اللّه في المستدرك على الصحيحين من رواية أبي سعيد الخدري، وزاد فيه "أوْ يَدَّخِرَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلَها".
2/1048 وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه،عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "يُسْتَجَابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولَ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي".
المصدر:
الأذْكَارُ النَّوَويَّة
للإِمام الحافِظ المحَدِّثِ الفَقيْهُ
أَبي زَكَرِيَّا يَحْيى بن شَرَفِ النَّوَوي