بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته،،،
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام
على المبعوث رحمة للعالمين ، وبعد :
السؤال
سماحة
الشيخ ما نصيحتكم للمسلمين ونحن نستقبل هذا الشهر الفضيل؟
الجواب :
نصيحتي للمسلمين جميعاً أن يتقوا الله جل وعلا، وأن يستقبلوا شهرهم العظيم بتوبة صادقة من جميع الذنوب، وان يتفقهوا في دينهم وأن يتعلموا أحكام صومهم وأحكام قيامهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))[1]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:
((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين))[2] ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وصفدت الشياطين ويناد منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة))[3].
وكان يقول صلى الله عليه وسلم للصحابة: ((أتاكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله))[4].
ومعنى:
((أروا الله من أنفسكم خيراً)): يعني سارعوا إلى الخيرات وبادروا إلى الطاعات وابتعدوا عن السيئات.
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))[5].
ويقول صلى الله عليه وسلم: يقول الله جل وعلا: ((كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام
فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من اجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك))[6].
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم))[7].
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[8] رواه البخاري في الصحيح.
فالوصية لجميع المسلمين أن يتقوا الله وان يحفظوا صومهم وأن يصونوه من جميع المعاصي، ويشرع لهم الاجتهاد في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات من الصدقات والإكثار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار؛ لأن هذا شهر القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[9].
فيشرع للمؤمنين الاجتهاد في قراءة القرآن، فيستحب للرجال والنساء الإكثار من قراءة القرآن ليلاً ونهاراً، وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع الحذر من جميع السيئات والمعاصي، مع التواصي بالحق والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فهو شهر عظيم تضاعف فيه الأعمال، وتعظم فيه السيئات، فالواجب على المؤمن أن يجتهد في أداء ما فرض الله عليه وأن يحذر ما حرم الله عليه، وأن تكون عنايته في رمضان أكثر واعظم، كما يشرع له الاجتهاد في أعمال الخير من الصدقات وعيادة المريض واتباع الجنائز وصلة الرحم، وكثرة القراءة وكثرة الذكر والتسبيح والتهليل والاستغفار والدعاء، إلى غير هذا من وجوه الخير، يرجو ثواب الله
ويخشى عقابه، نسأل الله أن يوفق المسلمين لما يرضيه، ونسأل الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً، نسأل الله أن يمنحنا وجميع المسلمين في كل مكان الفقه في الدين والاستقامة عليه، والسلامة من أسباب غضب الله وعقابه، كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين وجميع أمراء المسلمين، وأن يهديهم وأن يصلح أحوالهم، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة
الله في جميع أمورهم، في عبادتهم وأعمالهم وجميع شئونهم، نسأل الله أن يوفقهم لذلك، عملاً بقوله جل وعلا: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ}[10]، وعملاً بقوله جل وعلا: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[11]، وعملاً بقوله سبحانه: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[12]،
وعملاً بقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[13]، وعملاً بقول الله سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[14]، وقوله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[15].
هذا هو الواجب على جميع المسلمين وعلى أمرائهم، يجب على أمراء المسلمين وعلى علمائهم وعلى عامتهم أن يتقوا الله وأن ينقادوا لشرع الله، وأن يحكموا شرع الله فيما بينهم ؛ لأنه الشرع الذي به الصلاح والهداية والعاقبة الحميدة وبه رضا الله وبه الوصول إلى الحق الذي شرعه الله وبه الحذر من الظلم.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.
*******************