تباينت الآراء بشأن قرار وزارة التربية والتعليم العالي في الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة بتدريس اللغة العبرية للمستويين التاسع والعاشر اختيارياً بداية من العام المقبل.
فبينما تؤكد الوزارة أن القرار من شأنه زيادة فرص تأهيل الطلبة الفلسطينيين لفهم "عدوهم" وأنه يمكّنهم من معرفة كيف يفكر الإسرائيليون، يرى آخرون أنه يتعين على الوزارة دراسة الأمر من نواح سياسية أيضاً ولا سيما أن القرار يمكن أن يوصم بالتطبيع.
من جهته قال محمد أبو شقير -وكيل وزارة التربية والتعليم العالي في غزة- إن وزارته عقدت سلسلة من ورش العمل والاجتماعات الخاصة بحضور متخصصين في اللغة العبرية لمناقشة الأمر قبل إقراره.
أبو شقير: نحتاج تعليم أبنائنا لغة محتل أرضهم
أسباب
وأوضح أبو شقير في حديث للجزيرة نت أنهم جميعا خرجوا بنتيجة مفادها أننا بحاجة لتعليم أبنائنا اللغة العبرية لخصوصيتها في الحالة الفلسطينية، مشيراً إلى أنه سيتم تدريس العبرية اختيارياً في عدد من المدارس بداية العام المقبل للصفين التاسع والعاشر.
وأكد وكيل الوزارة أن إقرار الأمر لن يسبب خلافاً داخلياً مع وزارة التربية بحكومة رام الله لأن المنهج الفلسطيني المعتمد من غزة ورام الله يتيح تدريس لغتين أجنبيتين بصورة اختيارية، وبالفعل تُدَرِّس مجموعة من المدارس اللغة الفرنسية.
وفيما يتعلق بأسباب القرار قال أبو شقير إن الفكرة العامة لتدريس العبرية هي أن يعرف الطلبة الفلسطينيون كيف يفكر الإسرائيليون، فمن عرف لغة قوم أمن مكرهم، مشيراً إلى أن المنهج المقرر تدريسه سيكون مبتدئا، يتضمن الأساسيات والمفردات التي يمكن للطالب أن يتعلم منها مداخل اللغة لإتقانها.
وأضاف "نحن بحاجة لتعليم أبنائنا لغة محتل أرضهم التي ستخدمهم في العديد من المجالات، وتؤهلهم مستقبلاً لخدمة القضية الفلسطينية".
ويتوقع أبو شقير أن تشهد الفكرة نوعاً من الإقبال خاصة في ظل إتقان نحو 120 ألف فلسطيني في القطاع للغة العبرية نتيجة عملهم في الأراضي المحتلة سابقاً، مشيراً إلى أن معلمين مؤهلين سيعطون المادة المقرر تدريسها للطلبة.
المدهون يرى أن تعلم العبرية لن يقرب جيل الشباب من إسرائيل
ليست تطبيعا
من جهته يقول الباحث في مركز أبحاث المستقبل إبراهيم المدهون إن الفكرة مهمة محلياً لأنها ستمكن الطلبة من معرفة اللغة التي يتحدث بها محتلهم، ما يعني فهم كيفية تفكير الإسرائيليين.
ويعتقد المدهون أن لا ضرر في تعليم العبرية "حيث سنجد لاحقاً أشياء يستفيد منها المتعلمون ويبنون عليها"، رافضاً اعتبار تعلم العبرية بأنه نوع من التقارب الثقافي والاجتماعي والتطبيع مع إسرائيل.
وأوضح المدهون للجزيرة نت أن تعلم العبرية في المدارس الفلسطينية لن يقلص الفجوة بين إسرائيل والفلسطينيين، لأن كل الأجيال الفلسطينية تعرف أن الاحتلال سيبقى احتلالاً وليس هناك مجال للتطبيع معه.
وبيّن أنه يمكن للطلبة الفلسطينيين وجيل الشباب خاصة إذا أتقنوا العبرية أن يتمكنوا من دحض التحريض والتضليل الإعلامي الذي تنتهجه إسرائيل ضد شعبهم.
محاذير
وفي سياق متصل أكد رئيس قسم الصحافة والإعلام في جامعة الأمة بغزة عدنان أبو عامر أن الفكرة في ظاهرها تقدم جديداً للطالب الفلسطيني، طالما أن إسرائيل تدخل في كل تفاصيل حياتنا ويهمنا معرفة كيف يفكرون ويخططون.
لكن أبو عامر قال للجزيرة نت إن الفكرة بحاجة إلى إنضاج أكثر وإخضاعها لدراسة علمية وفكرية وسياسية، محذراً من إمكانية مساهمتها في غرس بعض المصطلحات العبرية بين جيل الشباب الناشئ قد يستخدمونها خلال تعاملاتهم.
ويعتقد أبو عامر أنه يتعين على الوزارة استدعاء متخصصين مختلفين لمناقشة الفكرة بشكل أوسع وعقد سلسلة من ورش العمل تقدم فيها وجهات النظر المختلفة للخروج بفكرة أنضج يمكن الاستفادة منها ولا يكون لها أي ضرر.