بدأ الأطباء بمركز Memorial Sloan-Kettering لعلاج السرطان باتباع أسلوب تحليل تحورات جينات مرضي سرطان الدم قبل بدء العلاج لمعرفة من منهم لديه فرص الاستجابة للعلاج التقليدي ومن يحتاج لعلاج مكثف ومن سيعاني انتكاسة المرض، في محاولة لزيادة معدلات النجاة لمرضي سرطان الدم الليمفاوي الحاد.
وقام الأطباء في هذه الدراسة بتحليل 18 جينا لما يقرب من 500 مريض بسرطان الدم الليمفاوي الحاد أو ما يعرف ب acute myeloid leukaemia (AML) وهو المرض الذي يصيب نخاع العظم أو الأنسجة الرخوة التي تكون خلايا الدم.
وشارك هؤلاء المرضى قبل ذلك في تجربة عملية عن تأثير العلاج الكيميائي daunorubicin عليهم وبذلك أصبح الباحثون علي بينة من منهم سيستجيب للعلاج .
في الدراسة الجديدة استخدم الباحثون أحدث تقنية تسلسل الجين لتحديد أي تحورات تحدث في الخلايا السرطانية للمريض وما إذا كانت تلك التحورات ستساعد في التنبؤ بأي من المرضي سوف يستجيب بشكل إيجابي للعلاج.
ووجد الباحثون أن هناك مزيجا معينا من التحورات يرتبط بقلة أو زيادة فرص النجاة من المرض، كما أن هذه التنبؤات الجينية يمكن أن تستخدم لتحديد ما إذا كان المرضى سوف يستجيبون للجرعات التقليدية من علاج daunorubicin الكيميائي ومن منهم سوف يحتاجون لجرعة أكبر.
وتقوم بعض مراكز علاج السرطان حاليا بعمل تحليل جيني محدود لمرضى سرطان الدم للبحث في ثلاث تحورات ترتبط بزيادة أو قلة مخاطر انتكاسة المرض.
المشكلة أن ما يقرب من 60% من المرضى يقعون ضمن الفئة المتوسطة مما يزيد من حيرة المعالجين حول كيفية علاج هؤلاء المرضي كما يقول كاتب الدراسة د. روس ليفين.
"إذا ما كنت تعلم المرضى الذين تزيد لديهم فرص الشفاء من المرض لأمكنك اتباع طريقة العلاج التقليدية وإذا ما كان المريض لديه فرصة ضعيفة للشفاء فربما يكون عليك إتباع علاج مكثف أو إخضاعه لعلاج تجريبي جديد."
وأضاف ليفين "بدراسة الحامض النووي لمرضي سرطان الدم تمكنا من تحديد مجموعة من التحورات ساعدت في تحديد المرضى المعرضين لانتكاسة المرض بدقة".
وتم نشر نتائج هذه الدراسة في النسخة الإلكترونية لجريدة نيو إنجلاند الطبية. في مقالة مصاحبة بالجريدة كتبت د لوسي جودلي أستاذ الطب المساعد بجامعة شيكاغو قائلة أن قوة هذه الدراسة تكمن في عدد المرضي الكبير وأن الباحثون استخدموا عينات أنسجة كانت متاحة بالفعل من دراسة سابقة.
وقد ساعد ذلك في الإسراع في عمل التحاليل والحصول علي نتائج سريعة يمكن أن تفيد المرضي في العلاج، حيث أن الباحث أخذ عينات من دراسة سابقة وطرح سؤال برؤية حديثة.
وكشف الباحثون أن بعض المرضي الذين يعانون تحور جيني بعينه يستجيبون بشكل أفضل للعلاج الكيميائي بجرعته المعروفة وآخرين تتحسن حالتهم إذا ما تم إعطائهم جرعات أعلي. هذا يفتح الطريق لعلاج مرضي السرطان بشكل فردي كل حسب حالته."
ويقول ليفين أن التسلسل الجيني أصبح أسرع وأقل تكلفة مما يساعد الباحثين علي بناء قدر أكبر من المعلومات عن التحورات المتعددة التي تحدث في الخلايا السرطانية.
وزاد ليفين في ختام حديثه "التحدي الحقيقي الذي يواجهنا الآن هو محاولة فهم كيفية استخدام هذه التكنولوجيا الجديدة والمبتكرة والتي يمكن أن تساعد في تحديد مختلف الجينات والتحورات الجينية في الأمراض السرطانية بسرعة واستخدام تلك المعلومات لعلاج المرضى".